مشروع أمان مارس لحماية المدنيين من مخاطر الألغام

في إطار مشروع “أمان مارس” الذي تنفذه منظمة مارس في مدينة تل رفعت، يواصل فريق المشروع تدريباته المتخصصة حول تنفيذ الاستبيانات والمسوحات الميدانية، كخطوة أولى نحو حماية المدنيين من مخاطر الألغام ومخلفات الحرب. تُركّز التدريبات على تطوير مهارات الفريق في جمع البيانات وتحليلها، بما يساعد في تحديد المناطق الملوثة بدقة، وتوجيه جهود التوعية بشكل فعال. كما تتضمن الأنشطة القادمة تنفيذ جلسات توعية مجتمعية تستهدف الفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل الأطفال والعاملين في الزراعة والتنقّل. يسعى المشروع إلى بناء وعي مجتمعي مستدام بمخاطر الذخائر غير المنفجرة، وتقديم معلومات عملية تسهم في تقليل الحوادث وتعزيز الأمان في الحياة اليومية.

فعالية تعريفية بمشروع “مسارات” في حلب لتعزيز سبل العيش ودعم الشباب وذوي الإعاقة

بمشاركة نحو 90 من النساء والرجال، نُظّمت فعالية ترويجية لمشروع مسارات في منطقة الشعار بحلب الشرقية، بهدف تعريف المجتمع بأهداف المشروع وأنشطته. يُنفَّذ مشروع مسارات بشراكة بين منظمتَي مارس ودور، ويهدف إلى بناء مسارات شاملة ومستدامة لسبل العيش، مع تركيز خاص على دعم وتمكين الشباب وذوي الإعاقة من خلال تطوير المهارات المهنية والشخصية، وتعزيز التخطيط المجتمعي، ودعم الاقتصاد المحلي. تضمّنت الفعالية عرضًا لأنشطة المشروع في المناطق المتضررة، بما في ذلك إدلب وأحياء حلب الشرقية، عبر برامج التدريب المهني والفني، ودمج ذوي الإعاقة في سوق العمل، ودعم المشاريع الصغيرة التي تسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي للمجتمعات المحلية. كما تم تسليط الضوء على جهود تحديث وتأهيل مركز مارس للعلوم الصناعية والتقنية، لتوفير بيئة تعليمية شاملة تمكّن المشاركين من ذوي الإعاقة من تطوير مهاراتهم والمشاركة الفعّالة في البرامج التدريبية. تأتي هذه الفعالية ضمن سلسلة من الأنشطة الهادفة إلى تعزيز مشاركة المجتمع المحلي في تصميم وتنفيذ مشاريع تنموية تسهم في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة، من خلال تعاون فعّال مع الشركاء المحليين والدوليين.

ختام سلسلة ورشات تدريبية لتعزيز قدرات المبادرات المجتمعية ضمن مشروع “صلة”

اختتمت منظمة مارس سلسلة من ثلاث ورشات تدريبية ضمن أنشطة مشروع صلة، استهدفت خلالها أكثر من 80 مشاركًا ومشاركة من الفاعلين المحليين في محافظة دمشق ومدينة حلب ومنطقة داريا. ركزت الورشات، التي امتدّت كل منها على مدار ستة أيام تدريبية بواقع أربع ساعات يوميًا، على عدة محاور من خلال تعزيز مهارات المشاركين في مجالات التعبئة والتنظيم المجتمعي، والتقييم التشاركي لاحتياجات المجتمع، وتخطيط المبادرات المجتمعية وإعداد الموازنات، ومبادئ الحوكمة الرشيدة وادوات المسائلة . يهدف هذا النشاط إلى تمكين المبادرات المجتمعية والفرق التطوعية والمجموعات المدنية غير الرسمية، وبناء قدراتها لزيادة فرصها في الحصول على الدعم والمساهمة الفاعلة في تنمية مجتمعاتها المحلية، بما يعزز قيم الشفافية والمساءلة والمشاركة المجتمعية.

إطلاق جلسات الدعم النفسي الفردي للناجين والناجيات من الاعتقال في مركز “مارس” – حلب

إطلاق جلسات الدعم النفسي الفردي للناجين والناجيات من الاعتقال في مركز “مارس” – حلب ضمن مشروع نور في إطار التزامنا بدعم الناجين من الاعتقال وتعزيز تعافيهم النفسي والاجتماعي، بدأ مركز مارس في مدينة حلب بتنفيذ جلسات علاج نفسي موجهة، يشرف عليها مختصون في الصحة النفسية. لأن الصحة النفسية ليست رفاهية بل خطوة أساسية نحو الشفاء والحياة بكرامة

تدمير سورية بين سيكوباتية نظام الإجرام الأسدي ومنهجية قمع الشعب السوري الثائر

تدمير سورية بين سيكوباتية نظام الإجرام الأسدي ومنهجية قمع الشعب السوري الثائر
فيحاء العبار

المركز التاسع

 

تدمير سورية بين سيكوباتية نظام الإجرام الأسدي ومنهجية قمع الشعب السوري الثائر

بعد عدة عقود من الحكم الدموي الفئوي الديكتاتوري التي مكث تحتها الشعب السوري في ظل شبح الأب المجرم الأكبر حافظ الأسد، استفاق السوريون على وريث قاصر للسلطة، ولكن أكثر رعونة من أباه، وهو الوريث غير الشرعي للحكم بشار حافظ الأسد.

تابع الابن خطواته في المزيد من الاستئثار بالسلطة وقمع الحريات وقضى على أي من الممارسات الديمقراطية، واستمر في بناء المزرعة التي ورثها عن أبيه.

لكن جيلاً جديداً أكثر حباً للحرية وشغفاً بالعيش الكريم كان مقدراً له أن يولد في هذه الحقبة التاريخية من تاريخ سورية الحديث، رفض سياسة الاستعباد التي يمارسها النظام في دمشق ويغالي فيها. وولدت من رحمها ثورته السلمية ضد هذا الطاغية في 15 من آذار/ مارس 2011 رداً على ممارسات قمعية إجرامية بحق أطفال من درعا، ثم عمت التظاهرات أرجاء المناطق السورية. فما كان من نظام الإبادة في دمشق إلا أن اتخذ قراراً باستخدام استراتيجية لإعادة جماهير الثورة من الشعب الرافض لهذا الحكم إلى الطاعة والامتثال لأوامر الديكتاتور وقلعته الحصينة. فبدأ بسياسة تدمير ممنهجة لإضعاف واخضاع الشعب الثوري الأبي، حيث عمل على تجيش وعسكرة الثورة ليتثنى له استخدام السلاح ضد المتظاهرين لعمل على كسر مقاومتهم وثباتهم وتهديد حياتهم وحياة أسرهم من خلال ضربات مستمرة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة لتظاهراتهم.

دعم النظام إعادة تهريب السلاح وسهل انتشاره بين الثائرين، كما روج لبث فتنة الحرب الأهلية بين المناطق.

تصاعدت وتيرة استهداف المتظاهرين والمدن بالأسلحة الثقيلة والكيميائية مع تقدم الثوار وبدء سيطرتهم على بعض المناطق. وبدأ سياسة لتدمير الأبنية والحاضنة الشعبية للثوار، مما نتج عنه تشريد الأهالي والنزوح وخروج الكثير من المرافق العامة عن الخدمة مثل المشافي والطرق والجسور وغيرها.

بدأ إفراغ الكثير من القرى من سكانها بالتهجير القسري، ورافق ذلك نزيف الكفاءات إلى خارج البلاد. دمر الثروة الشبابية وهي عماد القوة البشرية في المجتمع السوري إما بالقتل أو بالاعتقال والتصفية داخل المعتقلات، حيث تجاوز عدد الضحايا المليون شخص بين شهيد ومفقود من جميع الأعمار والأجناس.

عملت هذه السياسة على إفقار الشعب السوري، وأصبح يواصل سعيه للحصول على لقمة عيشه في ظل انعدام أساسيات الحياة.

استعان مع الوقت لقمع الحريات وتدمير سورية بحلفائه من الروس والإيرانيين وميليشيا حزب الله وميليشيات متنوعة أخرى. حيث فقدت سورية 80% من البنى التحتية الخاصة بالكهرباء والمشافي والمنشآت الاستراتيجية.

لم تسلم الأراضي الزراعية والمحاصيل والأشجار بأنواعها والغطاء النباتي من إجرام هولاكو العصر بشار الأسد وجلاديه ومعاونيه، حيث عملوا وبالاستعانة بمرتزقتهم إلى احراق المحاصيل الاستراتيجية في كثير من المناطق الشرقية والشمالية كالقمح وغيره، ودمروا الأراضي الزراعية لكسر إرادة الشعب وتجويعه. أيضاً تم قطع الأشجار لبيع أخشابها وخاصة أشجار الزيتون وغيرها، فقد تم تدمير أشجار الغوطتين الغربية والشرقية، فمثلاً فقدت الغوطة الشرقية نحو 80% من أشجارها وفي بعض البلدات مثل المليحة تم فقد 100% من أشجارها بالقطع والإحراق، مما نتج عنه تدهور بيئي وتصحر في المنطقة وفقدان الموارد، مما يؤثر على حياة الناس التي تعتمد على الزراعة، وكل ذلك للضغط على الشعب وتركيعه، ومنع سورية من الانطلاق نحو الازدهار مستقبلاً فيما لو استعادت حريتها.

تم ضرب الكثير من المآثر التاريخية والآثار السورية بالطائرات التي استخدمها النظام البائد ضد الشعب السوري ومدنه وقراه.

ساهمت القوى التي ساندت الأسد أيضاً بتدمير القرى والمدن بالإضافة أنها حولت الجيش الأسدي إلى قوى عسكرية خاوية وعالة على الشعب السوري وعلى حلفاء النظام المجرم، فالتف جنوده وضباطه إلى السرقات وتعفيش المنازل وجمع الأموال عبر انتشار الحواجز واستفزاز أهالي المعتقلين من الشعب السوري والمتاجرة بدمائهم وأرواحهم.

نتيجة الممارسات الممنهجة في التدمير واستباحة الإنسان وحقوقه دون الالتفات إلى أي من المطالبات الدولية سواء من الدول أو المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، فرضت على سورية الكثير من العقوبات الاقتصادية والعسكرية وغيرها، وأشهرها عقوبات قانون قيصر الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2019، الذي فرض قيوداً على التعاملات مع الحكومة السورية وأجهزتها الأمنية وقيوداً على تصدير السلع والخدمات إلى سورية، بالإضافة لمنع الاستثمار والعمل في سورية مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في سورية وأحاطت حياة المدنيين بالكثير من البؤس والشقاء.

كل هذا فعله نظام الأسد وخلال 14عاماً دون أدنى شعور بالذنب أو المسؤولية، إنما فعله للحفاظ على سلطته وكرسيه، كما أشار لذلك فاروق الشرع في مذكراته، حيث قدم رؤية فريدة ومثيرة عن شخصية بشار الأسد ليس بوصفه رئيساً للسلطة وإنما كشخصية تحمل اضطراباً نفسياً وعصبياً خطيراً، قال عنه بعضهم أنه انفصال عن الواقع، وآخرون رجحوا أنه الشعور بالعظمة. وقد أطلق عليه فاروق الشرع السيكوباتية السياسية (Psychopathy)، ويبدو أنها متقدمة عند بشار الأسد، وهي حالة من السطحية في التعامل، وهذا ما كنا نلحظه خلال سنوات الثورة خلال لقاءات الأسد وخطاباته المضحكة، وهذه الحالة يتسم فيها الشخص بالأنانية المفرطة وعدم الشعور بالتعاطف والندم أو الذنب على أي شيء يقوم به الإنسان. بالإضافة لكثرة الكذب والتلاعب وسلوكيات معادية تجاه الآخرين. وهل أكثر من هذا العداء الذي أبداه هولاكو سورية تجاه الإنسان من مكونات الشعب السوري وممتلكاته وثرواته ومصادرة حرياته.

وفي نهاية المطاف استنشق الشعب السوري حريته بعد 14 عاماً من المعاناة والقمع والقتل والتشريد والإذلال في الساعة السادسة من صباح الثامن من كانون الأول/ ديسمبر من عام 2024.

ونسعى لأن يكون هناك برامجاً وخططاً لإعادة إعمار سورية وبناء الإنسان فيها، وترميم وعلاج ممنهج لكل ما سببته سنوات القمع والتدمير من آثار سلبية على الإنسان وبيئته. ليعود الشعب السوري فعالاً في عملية البناء من أجل إنقاذ ما تبقى من سورية والإنسان فيها، بعدما دمرها القمع الأسدي واستباح الحريات والممتلكات فيها.

 

المراجع References

1- مذكرات فاروق الشرع- المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات- الجزء الثاني. دمشق 2000- 2015

2- التدمير الممنهج- من سرايا الدفاع إلى الحرس الثوري الإيراني- بشار يوسف. دمشق 26/ 7/ 2020

3- قصة مكان “تدمر” لؤلؤة سوريا بانتظار الترميم. أحمد عيسى. 21/ 1/ 2019. صحيفة الأهرام

4- الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج- الحرب السورية بالوثائق السرية. سامي كليب. مكتبة مؤمن قريش، دار الفارابي- الطبعة الخامسة. كانون الثاني 2016. 677 ص

5- إسقاط النظام السياسي السوري (نظام بشار الأسد) المقدمات- الآثار والتداعيات المحتملة. مركز حمورابي. أ. د. سعيد عبيد السعيدي، د. عمار عباس الشاهين، م. م. حنين محمد الوصلي، م. م. نور نبيه جميل. 4/ 1/ 2025. 28 ص

 

القيادة الناجحة… صفاتها ودورها في تعديل القوانين التمييزية بين الرجل والمرأة

القيادة الناجحة… صفاتها ودورها في تعديل القوانين التمييزية بين الرجل والمرأة

منال الفرج

المركز الثامن

 

المقدمة:
تعد القيادة الناجحة حجر األساس في نهضة المجتمعات وتطورها، فهي
التي تضع الرؤية، وتحفّز اآلخرين لتحقيق األهداف. وعندما تمتزج القيادة
الناجحة بروح العدالة والمساواة، يصبح لها دور محوري في تعديل القوانين
التمييزية وضمان الحقوق لكافة أفراد المجتمع بغض النظر عن النوع
االجتماعي. يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على صفات القيادة
الناجحة، وأثرها في تحقيق العدالة الجندرية، وخاصة في ما يتعلق بتعديل
القوانين التمييزية بين الرجل والمرأة.
ففي سوريا:
ال يزال قانون األحوال الشخصية رقم 59 لعام 1953 )مع تعديالت الحقة(
يحتوي على مواد تمييزية ضد المرأة، مما يتعارض مع مبدأ المساواة
المنصوص عليه في اإلعالن الدستوري السوري، ومع االتفاقيات الدولية
التي صادقت عليها سوريا، مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز
ضد المرأة )سيداو(.

.1 المادة :21 تشترط موافقة الولي على زواج الفتاة، حتى لو كانت راشدة، مما ينتقص من أهليتها القانونية.
.2 المادة 117الطالق التعسفي: تمنح الرجل حق الطالق بإرادة منفردة ودون الرجوع إلى المحكمة،
بينما تُقيّد المرأة بشروط وإجراءات صعبة للحصول على الطالق.

.3 المادة :146 تمنح حق الحضانة للمرأة حتى سن معينة )غالبًا 15 سنة(، وبعدها تنتقل الحضانة تلقائيًا إلى األب،
دون مراعاة مصلحة الطفل دائ ًما.

.4الوالية على األطفال: تبقى لألب بشكل حصري، حتى في حاالت الطالق، مما يحد من قدرة األم على اتخاذ
قرارات تخص تعليم أو سفر أوالدها.

.5الميراث: وإن كان تابعًا للشريعة اإلسالمية، إال أن هناك مطالبات بإعادة النظر في بعض تطبيقاته لضمان
عدالة اجتماعية أوسع، خاصة في ظل األوضاع االقتصادية المتغيرة

من أبرز
هذه
المواد:

أوًال: تعريف القيادة الناجحة:
هي القدرة على التأثير في اآلخرين وتحفيزهم لتحقيق أهداف مشتركة بفعالية
وكفاءة، مع مراعاة القيم األخالقية والعدالة االجتماعية. وهي ال تقتصر على
اإلدارة فقط، بل تشمل التوجيه، واإللهام، وصناعة التغيير.

ثانيًا: صفات القائد/ة الناجح:

ا استراتيجية تشمل تمكين

.1 الرؤية الواضحة: امتالك تصو ًرا واض ًحا للمستقبل، ووضع أهدافً
جميع فئات المجتمع، ويضعون المساواة الجندرية كأحد أهدافهم األساسية، مما ينعكس على
السياسات والقرارات التي يتخذونها..
.2 العدالة والحيادية: معاملة الجميع بالمساواة، والحرص على توزيع الفرص بعدل وضمان أن
يكون التقدم الوظيفي مبنيًا على الكفاءة ال النوع االجتماعي، مما يُحفّز النساء على المشاركة
الفعالة.
.3 القدرة على التواصل: اتقان مهارات اإلنصات والحوار، والقدرة على نقل أفكارهم بوضوح.
.4 الذكاء العاطفي: فهم مشاعراآلخرين والقدرة على التعامل معها بفعالية.
.5 . المرونة والقدرة على التكيف: ال للتمسك بالجمود، بل مواكبة التغيير واحتضانه.
.6 اإليمان بالقيم اإلنسانية: االيمان بحقوق اإلنسان والمساواة بين الجنسين.
.7 الشجاعة في اتخاذ القرار: تحمل المسؤولية، وعدم التردد في اتخاذ قرارات جريئة وصائبة.

ا
ً
ثالث : دور القيادة في تعديل القوانين التمييزية بين الرجل والمرأة:
.1 دعم التعليم ونشر الوعي بالمساواة:
القادة الناجحون يستخدمون منابرهم للتوعية بحقوق المرأة، ونبذ التمييزمن خالل خطابهم العام وبرامجهم
التوعوية، مما يخلق رأيًا عا ًما داع ًما للتغيير ويعملون على إزالة الصور النمطية عن المرأة من خالل دعم التعليم
المتساوي، ووسائل اإلعالم.
.2 التأثير في صناع القرار:
وذلك عبر حضورهم السياسي واالجتماعي حيث يستطيع القادة التأثير في التشريعات وتقديم مقترحات لتعديل
القوانين المجحفة التي تُميّز ضد المرأة سواء في العمل، أو األجور، أو الحقوق المدنية..
.3 تمكين المرأة في مواقع اتخاذ القرار:
القائد/ة الواعي/ة يعمل على خلق فرص متكافئة بين الرجال والنساء، ويُشجع وصول النساء إلى مواقع القيادة
و ُصنع القراروتخصيص كوتا للنساء، مما يعزز تمثيل المرأة في مجاالت كانت حكًرا على الرجال.
.4 إصالح األنظمة والمؤسسات :
القائد/ة الناجح/ة يراجع السياسات الداخلية للجهات التي يقودها ويزيل التمييز من جذوره.
.5 النموذج القدوة:
القادة الملتزمون بالمساواة يقدمون نموذ ًجا يُحتذى به، ويكسرون الصور النمطية السائدة عن أدوارالجنسين فعندما
يتبنى القائد/ة مبدأ المساواة في تعامالته اليومية )في التوظيف، توزيع المهام، التقدير، والترقيات(، فإنه يُر ّسخ
ثقافة مؤسسية ومجتمعية تقوم على العدل بعيدًا عن التمييز..
.6 االستجابة لقضايا المرأة:
القائد/ة الناجح/ة يصغي لقضايا النساء ويتعامل معها بجدية، سواء كانت متعلقة بالعنف، أو التمييز، أو نقص
الفرص، ويتخذ خطوات عملية لمعالجة هذه المشكالت ضمن أجندته القيادية.
.7 التنسيق مع رجال الدين المعتدلين :إلعادة تفسير النصوص الفقهية بما يتوافق مع متغيرات العصر
وحقوق المرأة.
.8 المرونة والتدرج: ال يفرض التغيير فجأة، بل يُقنِع الناس ويهيّئ البيئة القانونية واالجتماعية له.

تواجه القيادة الناجحة تحديات عند سعيها لتعديل القوانين التمييزية، خصو ًصا تلك المتعلقة
بالمساواة بين الرجل والمرأة. هذه التحديات قد تكون سياسية، اجتماعية، دينية، أو حتى قانونية،
وتختلف حدّتها من بلد إلى آخر.

– 1. ✅المعارضة المجتمعية والعادات والتقاليد :
المجتمعات المحافظة غالبًا ما ترفض تغيير القوانين التي تعتبرها جز ًء “الثوابت الثقافية أو الدينية”. ا من
القيادة تواجه رف ًضا شعبيًا عند محاولة تعديل قوانين مثل الزواج، الطالق، والميراث، حتى لو كانت تمييزية ضد
المرأة.
2. ✅التأثير الديني والفقهي:
بعض القوانين مستندة إلى تفسيرات دينية تقليدية، وأي محاولة لتعديلها تُواجه بمعارضة من بعض رجال الدين.
غياب فقه تجديدي عصري يجعل التغيير صعبًا ويضع القيادة في مواجهة مع مؤسسات دينية قوية.
3. ✅ضعف اإلرادة السياسية:

ا من فقدان التأييد الشعبي أو السياسي.

كثير من القادة يتجنبون الدخول في قضايا “شائكة” خوفً
تُر ّجح القضايا االقتصادية واألمنية في األولويات، بينما تُهّمش قضايا المساواة الجندرية.
4. ✅سيطرة الفكر الذكوري داخل مؤسسات الدولة:
معظم البرلمانات ومجالس الشورى تهيمن عليها شخصيات محافظة وذكورية تعارض التعديالت القانونية
الداعمة للمرأة.
ضعف تمثيل المرأة في مواقع القرار يعق . ّد عملية اإلصالح القانوني
فيما يلي أهم التحديات :

5. ✅مقاومة من وسائل اإلعالم التقليدية:
بعض وسائل اإلعالم تنشر خطابًا محاف . ًظا أو معاديًا للمساواة، مما يضعف الدعم الشعبي ألي إصالح
يتم تصوير القادة الداعمين لتعديالت قانونية عادلة بأنهم “يتعدّون على الدين أو يقّوضون األسرة”.
– 6. ✅ضعف التوعية القانونية لدى العامة:
الكثير من أفراد المجتمع ال يدركون أن بعض القوانين تميّز ضد المرأة وغياب التثقيف القانوني يجعل الناس أقل
دع ًما ألي تغيير.
– 7. ✅بطء العملية التشريعية:
تمرير القوانين عبر البرلمان قد يحتاج وقتًا طويالً ويتطلب توافقات سياسية دة ووجود

معق أولويات تشريعية أخرى ّ

قد يؤخر التعديالت.
8. ✅غياب الدعم المؤسسي أو الدولي:
في بعض األحيان، تفتقر القيادة إلى دعم مؤسسات حقوقية قوية محليًا أو دوليًا.
الضغط السياسي الخارجي قد يُستخدم فقط في إطار حقوق اإلنسان العامة دون التطرق لتفاصيل قوانين األسرة.

– 9. ✅الخوف من “تفكك األسرة:
»تُستخدم حجج مثل “حماية األسرة” أو “استقرار المجتمع” لتبرير استمرار القوانين التمييزية.هذه الحجة
تُستخدم عاطفيًا لتثبيط التغيير، رغم أن المساواة القانونية تعزز االستقرار ال العكس.

المدة األهداف الخطوات

م المرحلة الزمنية

.1 تشكيل فريق استشاري من قانونيين/ات، علماء اجتماع،
وممثلين /ات عن منظمات نسائية
.2 مراجعة القوانين الوطنية والدستور واالتفاقيات الدولية مثل
“سيداو”.
.3 إعداد تقرير شامل بالمواد التمييزية وتوصيات التعديل.

• دراسة القانون الحالي وتحليل
المواد التمييزية.
• تقييم األثر االجتماعي والقانوني
لهذه المواد.

1 التحضير والتقييم 3–6 أشهر

.1 عقد حوارات مجتمعية ولقاءات مع رجال دين معتدلين.
.2 التنسيق مع منظمات حقوقية محلية ودولية.
.3 توظيف اإلعالم ومنصات التواصل لنشر التوعية.
.4 إطالق حملة توعوية بعنوان )مثالً(: “القانون للجميع – المساواة
تحمينا”.

• كسب دعم سياسي، شعبي،
وديني للتعديالت المقترحة.

2 بناء التحالفات وكسب التأييد 6–9 أشهر

.1 صياغة قانونيّة دقيقة تراعي التوازن بين المساواة والموروث
الثقافي.
.2 التنسيق مع أعضاء البرلمان المؤيدين.
.3 تقديم المقترحات رسميًا بصيغة مشاريع قوانين أو تعديالت.

• تحويل التوصيات إلى مسودات
قانونية قابلة للعرض على
3 صياغة مقترحات التعديل 2–4 أشهر البرلمان أو الجهات المختصة.

.1 تقديم المشروع للجان البرلمانية المختصة )مثل لجنة الشؤون
االجتماعية أو الدستورية(.
.2 التفاوض مع األطراف المعارضة أو المترددة.
.3 تنظيم حمالت ضغط مدني )عبر المجتمع المدني واإلعالم(.

• تمرير التعديالت من خالل
4 الضغط التشريعي والتفاوض 6–12 شه ًرا المسار الدستوري.

.1 تصويت على التعديالت وإعالنها رسميًا.
.2 تدريب القضاة والقاضيات والمحامين /ات على تطبيق القانون
المعدل.
.3 متابعة تنفيذ القوانين من خالل مؤسسات الدولة.

• اقرار التعديالت رسميًا وتنفيذها
5 اإلقرار والتنفيذ 3–6 أشهر على أرض الواقع.

.1 إجراء استطالعات رأي ومراجعات دورية.
.2 تعديل بعض البنود عند الحاجة.
.3 تقديم تقارير دورية حول التح ّسن في العدالة الجندرية.

• قياس األثر االجتماعي
6 التقييم والمراجعة مستمرة والقانوني للتعديالت.

المدة اإلجمالية المتوقعة: سنتان إلى ثالث سنوات، مع اعتماد مبدأ التغيير التدريجي المستدام.
رابعا:ً خطة زمنية للقائد الناجح لتعديل القوانين التمييزية

: نماذج لقادة ساهموا في تعديل قوانين تمييزية:

خامساً
نيلسون مانديال: دعا إلى المساواة بين جميع المواطنين، بمن فيهم
النساء، وساهم في إنهاء التمييز العنصري والجندري في جنوب
إفريقيا.
جاكلين موغيندا )رواندا(: كانت من أبرز القائدات في سن قوانين
تدعم المرأة بعد اإلبادة الجماعية، مما جعل رواندا من أوائل الدول
في تمثيل المرأة بالبرلمان.
.

الخاتمة

القيادة الناجحة ال تُقاس فقط باإلنجازات االقتصادية أو السياسية، بل بمدى قدرتها
على تحقيق العدالة االجتماعية. وفي مجتمعاتنا التي ما زالت تعاني من بعض
القوانين التمييزية ضد المرأة، تبقى الحاجة مل ّحة إلى قادة يتحلون بالحكمة
والشجاعة لتغيير الواقع، وبناء مجتمع يقوم على اإلنصاف والمساواة. فبوجود
قيادة قوية وعادلة، يمكن تجاوز التمييز وتحقيق نهضة شاملة تستوعب الجميع.
حدث تحوًال حقيقيًا عندما تكون واعية لقضايا النوع االجتماعي،

القيادة الناجحة تُ
وتستخدم قوتها في التأثير واإلصالح لضمان عدالة شاملة. إن تعزيز المساواة بين
الرجل والمرأة ال يكون بالشعارات فقط، بل بالفعل المستند إلى قيم القيادة الحكيمة
والشجاعة.
فالقيادة الناجحة ال تنتظر الظروف، بل تصنع التغيير عبر الرؤية، التأثير، والتحرك
االستراتيجي. وتعديل القوانين التمييزية ال يتم بالقوة، بل بالحكمة، الحوار،
والقدرة على بناء إجماع وطني يؤمن بأن العدالة ال تعني االنقسام، بل هي طريق
التقدم الحقيقي.

المراجع :
.1 كتاب “القيادة والتحفيز” – جون أدير.
.2 األمم المتحدة – تقارير المساواة بين الجنسين.
.3 تقارير البنك الدولي حول تمكين المرأة والتشريعات
.4قاانون األحوال الشخصية السوري )رقم 59 لعام 1953
وتعديالته(.
.5اتفاقية “سيداو”.تقارير منظمات حقوق اإلنسان السورية.
.6مقاالت ودراسات حول القيادة والمساواة الجندرية.

سوريا ما بعد الأسد: كيف نصنع ديمقراطية لا تكرّر أخطاء الماضي؟

سوريا ما بعد الأسد: كيف نصنع ديمقراطية لا تكرّر أخطاء الماضي؟

محمد جلو

المركز السابع

 

 

“ماذا تعني لك الديمقراطية؟” سأل أحد الحاضرين شاباً خلال أحد النقاشات التي حضرتها في شمال غرب سوريا.

بعد برهة من الصمت واستجماع ما أمكن من الشجاعة نطق الشاب بإجابة صادمة وبسيطة ومؤلمة بصدقها: “يعني نحكي وما حدا يعتقلنا”.

فبعد سنوات من القبضة الحديدية ها هي سوريا تتنفس أخيراً هواء الحرية، لكن الحرية وحدها لا تكفي إذ إن سقوط الأنظمة الاستبدادية ليس نهاية المطاف بل بداية الطريق الأصعب ألا وهو كيف نبني نظاماً يحترم الإنسان ولا يسقط في فخ الديكتاتورية من جديد؟

لذا فإننا اليوم أمام فرصة تاريخية وربما تكون الأخيرة لتحويل دماء الضحايا وأحلام الثوار إلى دولة عادلة.

لكن الانتقال من الدول الديكتاتورية إلى دولة الحرية والديمقراطية عبر الثورات يحتاج إلى أكثر من الشعارات، يحتاج إلى وعي جماعي بأن العدو الحقيقي ليس أشخاصاً بل منظومة استبداد وفساد قد تتجدد بأسماء وجوه جديدة.

وهنا حيث تتدافع الأصوات بين من يريد الانتقام ومن يريد النسيان، بين من يتشبث بالهوية الضيقة ومن يحلم بمواطنة متساوية، كيف نضمن أن تكون سوريا الجديدة وطناً للجميع لا لغالبية تكرس استبداد الأقلية؟

 

ما بعد السقوط: اختبارات الثورة والمجتمع

الثورة لم تكن نهاية الطريق بل بدايته الشائكة فحين خرج السوريون يهتفون للحرية لم يكن لديهم خارطة طريق بل أمل جماعي بالخلاص فقط، إلا أن هذا الأمل كان كافياً لبداية شيء عظيم.

لكن بعد انكسار حلم الدولة الديمقراطية اكتشفنا أن السقوط لا يعني نهاية الاستبداد بل بداية تحدٍّ أكبر وهو كيف نمنع ولادته من جديد؟

ففي أغلب المناطق التي خرجت مبكراً عن سيطرة النظام قبل سقوطه لم يظهر فيها دائماً نموذج ديمقراطي حقيقي حيث ولدت سلطات أمر واقع فرضت وصايتها على المجتمع وقمعت الأصوات المخالفة أحياناً باسم “الثورة” وأحياناً باسم “الدين” أو “الأمن”.

وعليه كان الدرس القاسي أن الاستبداد ليس اسماً بل سلوك، وقد يولد من داخلنا إذا لم نواجهه بوعي نقدي ومؤسساتي يضمن المحاسبة وصيانة الحقوق.

فالمجالس المحلية وعلى الرغم من كونها محاولة نبيلة لتنظيم حياة الناس سقط كثير منها بسبب غياب الثقافة المدنية وضغط السلاح أو بسبب بنائها ومسارها القائمين على المحسوبيات والقرابات.

لذا لم يكن يكفينا سقوط النظام بل كان علينا أن نسقط “ثقافة النظام” المزروعة في تفاصيل حياتنا.

إن من أكثر التحديات التي ستواجه سوريا الجديدة هي كيفية تعاملنا مع من نختلف معهم؟

لا نتحدث عن الخصوم السياسيين فحسب بل عن الجيران، زملاء الدراسة، وحتى أفراد العائلة الذين انقسموا سياسياً أو طائفياً أو اختاروا الصمت.

فهل نمتلك الشجاعة لفتح هذه الجروح؟ وهل نعرف الفرق بين العدالة والانتقام؟

ذلك أن الديمقراطية لا تبدأ من صندوق الاقتراع بل من اللحظة التي تقرر فيها أن من يخالفك لا يستحق الكراهية بل الاحترام والدفاع عن حقه في إبداء الرأي رغم مخالفتك لرأيه، إذ لم نتعايش أو نُدرَّب على هذا السلوك بعد.

ففي زمن الثورة كثُر التخوين وفي زمن السلم وبناء الدولة قد تكثر التعميمات.

لذلك لا حل سوى إفشاء وتوسيع نطاق ثقافة الاعتراف المتبادل التي ترى في الاختلاف ثراءً لا تهديداً.

 

الوعي والعدالة: الطريق نحو الديمقراطية الممكنة

صناعة الديمقراطية ليست مجرد كتابة دستور بل تغيير جذري في طريقة التفكير والعلاقات والتربية.

حيث تبرز ثقافة الديمقراطية حين نرفض فكرة “الزعيم المنقذ” ونطالب بمؤسسات تحاسِب وتراقب، حين نعلّم أبناءنا أن يسألوا لا أن يطيعوا دون نقاش، تبرز عند إشراك النساء والشباب في القرار لا أن نجعلهم ديكوراً زائفاً نجمّل بهم المشهد، وعند الإيمان بأن الإعلام الحر ليس خطراً بل ضمانة ضد عودة القمع.

ولنكن واقعيين لن يُنجز هذا في سنة أو اثنتين لكن كل شيء يبدأ من التفاصيل الصغيرة، يبدأ من صف دراسي يناقش لا يحفظ ومن مسلسل يعالج لا يكرس القوالب ومن عائلة لا تسخر من المختلف بل تُنصت له.

نحن بحاجة إلى ثورة وعي وإلا سنعيد إنتاج المأساة بأسماء مختلفة.

ومما لا شك فيه أنه لا يمكن بناء دولة جديدة فوق ركام الظلم دون إحقاق الحق وهنا يمكن التنويه إلى أن العدالة الانتقالية ليست انتقاماً بل وسيلة للإنصاف، لاستعادة الثقة ولمنع التكرار.

وبدونها لا يمكن لدولة خارجة من أتون الاستبداد أو الصراع الداخلي أو الحرب الأهلية أن تخطو باتجاه الاستقرار والتنمية والسمو.

ففي جنوب أفريقيا مثّل إنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة بعد انتهاء الفصل العنصري نموذجاً عالمياً يُثبت أن العدالة والضمير يمكنان أن يسيرا جنباً إلى جنب لتهدئة الجراح وطي صفحة الماضي.

ودون هذا الصدق مع الذات ستنهار أي محاولة للمصالحة الحقيقية.

 

الإعلام والتعليم: معركة الوعي بين التحرر والتضليل

في بلد عاش على إعلام يُقدّس الحاكم ويشيطن كل نقد نحتاج إلى ثورة إعلامية موازية للثورة السياسية حيث كانت سوريا في عام 2019 ضمن أسوأ عشر دول في العالم لحريات الصحافة حسب تصنيف مراسلون بلا حدود ولا تزال الأوضاع تزداد سوءاً وهذا يوضح أن الإعلام لم يتغير بعد وهو ما يجعل التجرد منه ضرورة في رحلتنا.

لذا نريد إعلاماً يبحث عن الحقيقة لا يبيع سرديات جاهزة، نريد ثقافة تُحرر لا تُخدر ونريد فناً يُربي الوعي لا يُستخدم كواجهة سلطة.

ذلك أن الديمقراطية تُروى بالكلمة وتُرعى بالفن وتُحصن بالثقافة.

ولا ديمقراطية دون مقاومةٍ جذرية لخطاب الكراهية أياً كان مصدره فالكلمة التي تحرض على الإقصاء تقود في النهاية إلى القمع والعنف.

وبطبيعة الحال لا يمكن أن نبني ديمقراطية بلا جيل وعيه مدرّج من الصغر.

في سوريا ظلت المناهج تُظهر الولاء للنظام أكثر من تنمية التفكير الحر والمواطنة.

والآن في مرحلتنا الانتقالية صار واجباً تعديلها لتزرع قيم التسامح والتفكير النقدي وحقوق الإنسان بدلاً من الانصهار في روايات الماضي فقط وإن أردنا تصليب الديمقراطية وتعميق جذورها فعلينا أن نزرعها في كتب الأطفال وأساليب التدريس وعلاقات المعلم والطالب.

فمن التعليم تبدأ كل الثورات الحقيقية أو تنتهي.

 

هل نبني سلطة… أم نبني دولة؟

حين يسقط نظامٌ استبدادي يتسابق الجميع على السؤال “من سيحكم؟”..

لكن السؤال الأعمق والذي يغيب غالباً هو كيف سنحكم؟

وهنا يكمن الفرق بين أن نبني سلطة أم دولة.

في التجربة السورية ظهرت سلطات حملت شعارات الثورة لكنها مارست الإقصاء بمنطق القوة لا بمنطق القانون.

وهنا يكمن الخطر، خطر أن نعيد إنتاج الاستبداد باسم الثورة من جديد وهو ما حدث في العديد من الثورات، من روسيا إلى إيران إلى أمريكا اللاتينية..

وحيث أن الدولة السليمة بمفهومها الحديث تقوم على مؤسسات تحترم القانون وتحاسب الحاكم قبل المواطن.

لذا فإن الديمقراطية لا تقتصر على اختيار حاكماً جيداً بل التأسيس لنظام يمنع تحول الحاكم إلى ديكتاتور مهما كانت نياته.

 

لا أحد يملك وصفة جاهزة لسوريا ديمقراطية لكن ما نعرفه جيداً هو ما لا نريده أن يتكرر، لا نريد سجانين جدد ولا نسخ ملونة من الاستبداد القديم، لاسيما وأننا الجيل الذي رأى الثورة بأعينه وذاق مرارة الفشل وصدمة الخذلان والجيل الذي امتلك أيضاً فرصة أخيرة لكتابة فصل جديد بشرط أن نبدأ من الآن بصناعة وعي مختلف.

وعي يقوم على أن الديمقراطية ليست عدالة انتقائية بل عدالة للجميع وأن حقوق الإنسان ليست مِنّة من أحد بل حق يولد مع كل طفل يولد على هذه الأرض وأن المعارضة التي تشبه الاستبداد لا تختلف عنه في شيء بل هي وجه ثان للنظام الذي تعارضه.

الديمقراطية لا تُمنح كبطاقة هوية بل تُزرع كأشجار الزيتون… ببطء وبجهد وبكثير من الألم.

وإن لم نغلق باب الاستبداد بالكامل فإنه سيعود… بربطة عنق وربما بكلام أجمل من الديكتاتور السابق.

ولهذا لا نريد فقط إسقاط الاستبداد بل إسقاط قابليتنا له ووأد الرحم الذي قد يحتضنه وينجبه لاحقاً.

دور السلم الأهلي في بناء سوريا الجديدة

دور السلم الأهلي في بناء سوريا الجديدة

مصطفى منلا عمر

المركز السادس

 

المقدمة

في عام 2011 خرج السوريين مظاهرات في مختلف المحافظات السورية مطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية حيث خرجوا بطريقة سلمية لكن سرعان ما حول النظام هذه المظاهرات الى حرب مسلحة بسبب قيامه بالتعامل مع المظاهرات بالعنف والقتل والاعتقال  وعلى مدار سنوات حكم ال الأسد الأب والابن عملا على تفرقة الشعب السوري الغني بتنوعه ومكوناته المختلفة ونشر حالة المناطقية والطائفية وغياب العدالة الاجتماعية في التوظيف او توزيع موارد الدولة، وبعد أكثر من عقد من قيام الثورة استطاع الثور الاطاحة بالنظام السوري الذي أمعن الجرائم بالشعب السوري تاركة لهم تركة كبيرة من الفساد والدمار ليس دمار البنية التحتية فقط بل دمر الشعب السوري بكافة مكوناته حيث حل الفقر والبطالة  وغياب القانون وغياب العدالة واليوم من أخطر العقبات التي تواجه السوريين هو الانقسام المجتمعي وعدم التعايش السلمي سواء بين العائدين إلى مدنهم وشعب المدينة نفسه أو بين سكان المناطق المحررة قديما والتي تحررت حديثا حيث يعتبر هذا التحدي أكثر التحديات خطورة   لما له من أثر خطيرة مثل ما حدث في الثورة من مجازر واعتقال ودمار وقتل.

السلم الأهلي  

السلم الأهلي ليس ترف اجتماعي او حالة رفاهية بل هو حاجة ملحة لتحقيق الاستقرار المستدام والسلام  في سوريا بعد ١٤ عاما من الحرب ويعرف السلم الأهلي بأنه حالة اجتماعية متكاملة قائمة على نبذ العنف وقبول التنوع داخل المجتمع الواحد وتعزيز مبدأ المواطنة.                                                                                         والسلم الأهلي ينشر حالة من التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع مع المحافظة على العدالة والمساواة والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان بما يسمح بحرية عيش الأفراد بأمان وقيام مؤسسات الدولة بمهامها وهي خدمة المجتمع ورتق النسيج السوري الذي مزفته الحرب والديكتاتورية

    كيف يمكن تعزيز السلم الأهلي

إذا أردنا ان نبني سوريا الجديدة فعلينا ان نبدأ اولا بتطبيق السلم الأهلي لانه يبنى الدولة والمجتمع على حد سواء من خلال إعادة بناء البنية التحتية وتعزيز العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات الحكومية وتوجيهها إلى خدمة المجتمع ومعالجة الأسباب التي أدت لاندلاع الحرب واتاحة مساحة لحربة الرأي ومسؤولية تطبيق السلم الأهلي لا تقتصر على الحكومة فقط بل يمتد ليشمل المجتمع والأفراد والنشاطين المجتمعية

دور الفرد في تطبيق السلم الأهلي

إن التغيير يبدأ من الإنسان نفسه ثم تنتقل أثار هذا التغيير إلى الآخرين والمواطن السوري يلعب دورا كبيرا في تطبيق السلم الأهلي من خلال نشر قيم التسامح والتعايش السلمي واحترام حقوق الآخرين وعدم التعدي على الغير وعدم التمييز واللجوء للقانون عند حدوث مشاكل وإذا كان الفرد يشغل دور موظف حكومي أو تاجر أو مثقف فيكون أكثر قدرة على نشر وتطبيق السلم الأهلي فمحور السلم الأهلي هو الأخلاق واحترام حقوق الإنسان.

 

دور المجتمع في تطبيق السلم الأهلي 

يقع على عاتق المجتمع مسؤولية كبيرة في تعزيز روابط التضامن والتعايش بين مكوناته المختلف ويُترجم ذلك من خلال ودعم الحكومة في تطبيق السلم الأهلي ودعم مؤسساتها والاهتمام بضحايا الحرب والعمل على إزالة آثارها كما يجب على الوجهاء ورجال الدين والمعلمين والمثقفين أن يكونوا قدوة في نشر ثقافة السلم الأهلي وأن يدعوا للحوار بدل القطيعة وللأمل بدل الإحباط، فالمجتمع المتماسك قادر على تجاوز الأزمات والتصدي لأي محاولات لزرع الفتنة أو استغلال الانقسامات.

دور الحكومة في تطبيق السلم الأهلي 

تلعب الحكومة دورا محوريا ي حماية السلم الأهلي من خلال إرساء دولة القانون وسيادته وتطبيقه على كل فئات المجتمع وأصحاب السلطة وايضا يكمن دور الحكومة في توجيه المؤسسات في خدمة المجتمع وتقديم كل التسهيلات للمواطنين دون تميز عرقي او ديني او مناطقي وضمان حقوق جميع المواطنين بالتساوي كما يجب على الحكومة أن تطبق العدالة الانتقالية وتحاسب مرتكبي الجرائم الذين امعنوا في قتل المدنيين ومن مسؤوليات الحكومة معالجة آثار الحرب وتأمين الخدمات الأساسية بشكل عادل ويُطلب من الدولة أيضا إقامة نشاطات اقتصادية واجتماعية في مختلف الجغرافيا السورية لتعزيز الترابط المجتمعي واطلاق حوارات وطنية شاملة وترك مساحة لتعبير عن الراي وهدم الفجوة بين الحكومة والمجتمع ووضع سياسات تنموية متوازنة تعالج الفقر والبطالة لان الفقر هو اساس وسبب كل الجرائم على وجه الأرض ومن المهم أن تتعامل الحكومة مع الإعلام والقوى المدنية باعتبارهم شركاء في صناعة السلام لا خصوما سياسيين.

دور الإعلاميين والناشطين في تطبيق  السلم الأهلي 

يؤدي الناشطون والإعلاميون دورا بالغ الأهمية في صناعة الوعي المجتمعي وتوجيه الرأي العام نحو ثقافة السلم الأهلي إذ تقع على عاتقهم مسؤولية نشر الحقائق دون كذب وتضليل وتصحيح أي خطأ يصدر من الأفراد أو المجتمع وأن يكونوا صلة الوصل بين الحكومة والمجتمع  وأن يعملوا على محاربة الشائعات وخطاب الكراهية وتسليط الضوء على المبادرات المجتمعية الإيجابية.

الخاتمة 

السلم الأهلي ليس غاية بل هو وسيلة للعيش بأمان وعدم تكرار ماسات الماضي وما حدث من جرائم وانتهاكات كان سببها الطائفية والخاسر الأكبر فيها هو المجتمع السوري الذي عانى كل أنواع المعاناة، وهناك دول طبقت السلم الأهلي وحققت فائدة كبيرة ومن هذه الدول راوندا وجنوب أفريقيا حيث أصبحتا من الدول المتقدمة بعد أن عانتا من ويلات الحروب والاقتتال الطائفي والتمييز.                                                                                        والسلم الأهلي ينطلق ليبني دولة يسودها الاحترام قائمة على المسؤولية وحماية و ازدهار مواطنيها، إننا في سوريا الحبيبة متنوعين عرقيا ودينيا وقوميا وهذا التنوع الغني اذا استخدمها في الطريق الصحيح سينتهي بنا المطاف بدولة ترعى حقوقنا ومجتمع متماسك واقتصاد قوي وابتكارات وريادة تضع سوريا في مصاف الدول المتقدمة واذا استخدمنا هذا التنوع في الطريق الخطأ سينتهي بنا المطاف إلى حروب أهلية واقتتال وعدم استقرار والفقر وحروب ولو نظرنا إلى فترة سقوط النظام لقلنا سبب التقدم السريع وهو السلام  وخطابات السلام والتطمينات التي وجهها قادة المعركة إذ إن في السلام يكسب الإنسان أضعافه ما يكسبه في الحرب وعاشت سوريا لكل السوريين.

 

الهوية السورية… من الانقسام إلى الانسجام

الهوية السورية… من الانقسام إلى الانسجام

دانة جليلاتي

المركز الخامس

 

“هويتي هي ما يجعلني فريداً، لكنها أيضاً ما يضعني في مواجهة الآخر” هذا ما عبّر عنه أمين معلوف في كتابه الهويات القاتلة متحدثاً عن تلك الانتماءات التي قد تبدو أحياناً مصدر اعتزاز في المجتمعات المتنوعة وتتحول عند منعطفات التاريخ الحرجة إلى أدوات قتل.

لم تكن الهوية يوماً أصل المشكلة الأوحد في سورية، فمنذ اندلاع الثورة في العام 2011، ظهرت على السطح أسئلة ظلت غير مطروحة لعقود طويلة: من نحن؟ لمن ننتمي؟ ما الذي يربط العلوي بالدرزي؟ والكردي بالعربي؟ والمسيحي بالمسلم؟ هذا الصراع الهوياتي لم يكن طارئاً بل كان كامناً بانتظار لحظة مؤاتية ليظهر، والمفارقة ليست في وجود ذلك التعدد بل في تحوله إلى أداة صراع، فهل نحن أمام “هويات قاتلة” بالفعل؟ وهل ثمة مخرج في حال أعدنا صياغة مفهومنا للانتماء بالمشاركة مع الآخر لا على حسابه؟ 

الأزمة السياسية ليست وحدها المشكلة

لم تكن الأزمة السورية أزمة سياسية فقط، بل أزمة هوية استمرت لفترة طويلة، وتم فيها تهميش البعد الثقافي التاريخي لهوية السوريين لصالح سردية رسمية اختزلت الوطن في شعارات صماء. مع تفجر الصراع تكشّف ما كان كامناً من وجود علوية سياسية، كردية مقصية، وتهميش مناطقي وغير ذلك، وبطبيعة الحال فإن تحول الهوية من مركب متعدد إلى انتماء واحد يجعل الإنسان يستميت دفاعاً عنها وكأنها تهديد وجودي.  

برزت الهويات الفرعية كوسيلة للدفاع عن النفس. يلجأ الأفراد عادة في حالات ضعف الدولة أو حكم الاستبداد إلى هوياتهم الطائفية كمأوى للحماية ويعتبرونها حصناً في مواجهة المجهول 1 وتبدأ الجماعات بإعادة تعريف نفسها خارج الإطار الوطني. 

لطالما استخدمت الهوية في سورية كقناع إيديولوجي، وكانت السلطة تمارس استبدادها من وراء مزاعم الانتماء للقومية العربية بهدف كبت الانتماءات القومية في سورية2 واستخدمت القومية العربية كإيديولوجيا سياسية تجاهلت التعدد الإثني والثقافي وكانت سبباً في تهميش الكرد والسريان والأرمن والآشوريين وغيرهم. وبعد العام 2011، تفككت الهوية أكثر فأكثر حين برزت في الشمال الشرقي هوية كردية تسعى إلى حكم محلي، ونشأت في إدلب هويات دينية ملتزمة، في حين فُرضت في مناطق النظام هوية أمنية لا تحتمل الاختلاف. 

هوية نخشاها وهوية يُخشى منها

لا يمكن الحديث عن الهوية السورية دون التوقّف عند العلاقة الملتبسة لدى السوريين بالانتماء والتي يحكمها القلق والريبة أكثر مما تحكمها الثقة أو الانسجام. وقد تكون واحدة من أخطر نتائج الاستبداد الطويل التي عشناها كسوريين خوفنا من الهوية. لقد نشأت أجيال في سورية لا تنظر إلى الهوية على أنها دليل على الغنى والتنوع بل أداة للانقسام والتمييز، والمؤشر الأوضح كان إبان الثورة السورية حين انتشرت عبارة “طائفتي سوري” والتي بدت أنها محاولة لتجاوز الأسئلة العميقة حول الهوية من خلال مزج البعد الطائفي مع الوطني. المجتمع السوري ككيان مقموع الهوية، لم يُسمح له بتجربة التعبير الحرّ عن ذاته3 في حين أن الهويات ليست عوائق، بل مفاتيح لفهم أعمق للدولة والمجتمع.

كي لا تبدو الصورة قاتمة تماماً، من المهم أن نذكر أيضاً أن البنية الاجتماعية السورية كانت عبر التاريخ تحمل قابلية للانفتاح والتعايش ولم يكن التنوع في حد ذاته عاملاً سلبياً يؤثر في التعايش السلمي بين مختلف المكونات 4، لكن ما نحتاجه هو مشروع شامل يعمل على موالفة هذا التعدد ضمن هوية لا تلغي الهويات الفرعية بل تؤطرها. 

هوية وطنية جامعة، ملامح الحل: 

لن يكون الحل في إلغاء التعدد، بل في بناء دولة تنظمه من خلال آليات على رأسها أن يكون الدستور الجديد معترفاً بكل المكونات الثقافية اللغوية الإثنية ومانحاً إياها مساحة قانونية للتعبير، فضلاً عن إصلاح تربوي شامل يعيد تعريف “الانتماء” ويؤكد على أنه مسؤولية جماعية تتجاوز الدين والطائفة والانتماء السياسي. إن إيجاد سردية مشتركة مبينة على المواطنة والمساواة والاعتراف الشجاع بالماضي هي أيضاً سبيل للوصول إلى الهوية المأمولة. صحيح أن لا أحد يختار هويته، لكن كل أحد مسؤول عن كيف يدافع عنها5، والدفاع عن الهوية السورية يجب أن يكون مشروعاً وطنياً لا إقصاء فيه ولا تمجيد لطرف على حساب الأطراف الأخرى.  

الهوية مسار متغير 

عبر قراءة التجربة السورية، يتبين أن “الهويات القاتلة” التي تحدث عنها معلوف ليست نظرية مجردة، بل واقع عاشه السوريون طوال العقد الماضي، وقد آن الأوان لكي ننظر إلى سورية على أنها رواية عظيمة تحتاج إلى إعادة صياغة وتنقيح. رواية تكتب بلغة تعترف بالجميع وتصوغ وطناً يتسع لكل السوريين. كما أن علينا الامتناع عن التعامل مع الهوية كشيء جوهري ولدنا به، بل نبدأ بالنظر إليها كمجال متغير وقابل لإعادة الصياغة، واعتماد هذا التصور الديناميكي للهوية يستوجب بناء سياسات عامة وممارسات اجتماعية تكرس الحوار والشراكة. 

نحن السوريون، لا ننكر تعددنا لكن يجب أن نرفض اختزال وطننا. قد تكون الهويات “هويات منقذة” إن اخترنا أن نبنيها لا أن نحتمي بها ونتمترس خلفها. لم يكن أمين معلوف في كتابه “الهويات القاتلة” يتحدث فقط عن لبنان، بل عن أي بلد تتعدد في الانتماءات دون أن تُمد بينها الجسور. سورية التي نحلم بها لن تبنى فوق أنقاض هويات الآخرين، نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يصالحنا مع أنفسنا أولاً فضلاً عن مصالحتنا مع الآخرين تهيئة لاندراج الجميع في الحالة الوطنية السورية وهو ليس بالأمر الصعب فيما لو توافرت النوايا الحسنة 6

في سورية الجديدة التي نحلم بها، نأمل أن تكون الهويات نوافذاً لا جدراناً. 

——————————————————————-ا

  1. ريمون معلولي- “عنما تصبح الطائفة أداة للصراع ليس مجرد هوية ثقافية”- مركز حرمون للدراسات
  2.  حمدان العكلة- قراءة في كتاب المعرفة والأيديولوجيا، نيسان 2022
  3. خلود الزغير- كتاب سورية: الدولة والهوية-2020
  4. أحمد قربي ونورس العبد الله- إضاءات على إدارة التنوع في سورية- في لزوم الوعي الوطني مع المواطنة- مركز الحوار السوري
  5. أمين معلوف، من كتاب In the name of Identity 
  6. أحمد مظهر سعدو- “في حاجة سورية إلى عقد اجتماعي جديد”-. العربي الجديد

 

المرأة السورية والمشاركة السياسية

” المرأة السورية والمشاركة السياسية “

تالا جعفور

المركز الخامس

 

      مقالة حول المشاركة السياسة للمرأة في سوريا بعد سقوط الأسد

  

 

هل تساءلتَ قبلًا عن أهمية دور المرأة السورية في المشاركة السياسية خلال الثورية السورية وبعدَ سقوط الأسد؟

المرأة جزء مهم من المجتمع فهي الأم والأخت والزوجة 

هي القائدة والصانعة والمؤثرة.

هي إنسان وكل الناس متساوون بالحقوق ، ويمثل حق المشاركة في الحياة السياسية والعامة عنصرًا مُهمًا في تمكين الأفراد والجماعات، وهو أساسي للقضاء على التهميش والتمييز. ولا تنفصل حقوق المشاركة عن حقوق الإنسان الأخرى مثل الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والحق في حرية الرأي والتعبير والحق في التعليم والحق في الحصول على المعلومات.

ولكن هنالك العديد من المجتمعات التي تحجم من دور المرأة وتقصيها عن المشاركة في العديد من المجالات التي هي من حقها كالمشاركة السياسية، 

وحرمانها من الوصول إلى الموارد…

والمشاركة السياسية هي حق للجميع رجالًا ونساءً لا يقل أحدهما عن الآخر .

وأما بالنسبة للحالة السورية فهي تَمُر في مرحلة مخاض كبير وترقب لولادة مرحلة مقبلة على الصَعِيدِ السياسي ولا بد أن يمتلك الناس مفاتيح المعرفة وفهم السياق السياسي كي لا يَنقادوا انقيَادًا أَعمًى فالمشاركة السياسية هي تلك المجموعة من الممارسات التي يقوم بها المواطنون, أو بها يضغطون بغية الاشتراك في صنع وتنفيذ ومراقبة تنفيذ، وتقييم القرار السياسي اِشتراكًا يخلو من الضغط الذي قد تمارسه السلطة عليهم. وهذا يعني أنه لكل مواطن/ة حقا ودورا يمارسه في عملية صنع القرارات ومراقبة تنفيذها وتقويمها بعد صدورها.

فهي إذن مساهمة الفرد في أحد الأنشطة السياسية التي تؤثر في عملية صنع القرار و اتخاذه، والتي تشمل التعبير عن رأى في قضية عامة، والعضوية الحزبية، والانضمام لمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني أو التعاون معها، والترشيح في الانتخابات، وتولى أي من المناصب التنفيذية والتشريعية.

إن ثقافة المشاركة السياسة، ثقافة مهمة في تحديد علاقة الحكم مع المجتمع،

وهذا حق للنساء والرجال ولكن المرأة المشاركة في السياسة أو الراغبة في ذلك تعاني من عديد من المشاكل التي تقف حاجزًا وتشكل عائقًا أمام مشاركتها أو رغبتها في الأمر.

 ولو تطرقنا للحديث عن التحديات التي تواجهها:

هناك العديد من المجتمعات كما تحدثنا سابقًا ممن يرفضون عمل المرأة في المجال السياسي على وجه الخصوص لعدة أسباب منها السيطرة الذكورية والصورة النمطية عن المرأة التي تحجم عملها وتقتصر دورها في بعض الأعمال كالتعليم والطب ، بالإضافة إلى الخوف من نظرة المجتمع السيئة والتي تصور بها كل من تخولها نفسها المشاركة في الحياة السياسية والخوض في غمارِهَا.

ونتيجة لذلك يتم ممارسة العديد من الانتهاكات بحق النساء كالعنف السياسي ضد المرأة والذي يعني أي ممارسات وإساءة أو محاولة إساءة للمرأة المشاركة في السياسية والخَائِضَة فِي غِمَارِهَا أو الراغبة بالأمر.

والعنف ضد المرأة في السياسة هو عنف جسدي أو جنسي أو نفسي. بطبيعة الحال يتعرض كل من الرجال والنساء الى العنف في السياسة، لكن العنف ضد النساء في السياسة هو عنف قائم على الجنس حيث يستهدفهن بسبب جنسهن وأمثلة العنف هي أعمال قائمة على الجنس مثل التعليقات الجنسية أو التحرش والعنف الجنسي

 إن العنف ضد النساء في السياسة يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، يعرقل مشاركتها ، ويقوض إمكانياتها.

وقد نشرت لاهاي – الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان التقرير السنوي الثالث عشر عن الانتهاكات بحقِّ الإناث في سوريا وضح أن  29064 أنثى قتلن في سوريا منذ آذار/مارس 2011، بينهن 117 تحت التعذيب، و11268 معتقلة أو مختفية قسراً، إضافة إلى 11553 حالة عنف جنسي.

ومن أنواع العنف والانتهاكات:

  • العنف المجتمعي:

كَالعنف الذي ترتكبه أسرة المرأة لمنعها من المشاركة السياسية

  • العنف الجسدي:

كالضرب ، والاعتقال ، والاختطاف

  • العنف الجنسي:

كالتحرش ، والاغتصاب

  • العنف السيبراني/الرقمي:

هو العنف المرتكب عن طريق الوَسائل الرقمية والإلكترونية

  • العنف الاقتصادي:

حرمان المرأة من الوصول للموارد

  • العنف النفسي:

كالتهديد ، والتنمر ، والضغط ، والتهديد

  • العنف التَشريعي:

كسن تشريعات غير منصفة للنساء ولا تمنحهن حقوقهن المشروعة

 

كيف نضمن أن لا تُقصى المرأة مرة أخرى في سوريا الجديدة؟

هناك الكثير من الحلول ومنها:

  • تمكين النساء سياسيًا عن طريق التدريب والتأهيل.
  • جلسات توعية سياسية تستهدف فئات المجتمع.
  • تسليط الضوء على هذه القضية.
  • إجراء مراكز إحصاء وتوثيق للنساء المتعرِضات للعنف.
  • عدم الخَوف .

 

  • حملات الحَشد والمُناصرة
  • المطالبة الدائمة لتمكين المرأة في كل المجالات وخصوصا في المجالات التي كانت محرمة على المرأة كالمجال السياسي 

المطالبة بمقاعد سياسية وحكومية للمرأة في المجتمع.

  • إقامة الدورات التدريبية التي ترسخ مفهوم النوى الاجتماعية وأهمية المرأة في تولي مناصب قيادية.
  • الاطلاع على تجارب دول رائدة في مجال مشاركة المرأة سياسياً والاستفادة منها.
  • السعي لتمكين المرأة اجتماعيًا واقتصاديًا.
  • أن تربي أبناءها على قناعة أن المرأة يمكنها أن تكون في مجال السياسة.

 

ورسالتي لكل النساء في العالم عامة وفي سوريا خاصة

“صوتك حق”.. لا أحد يستطيع منعك عن مشاركتك والتعبير عن رأيك.

“صوتك حق” ..قولي لا حين يتوجب قول ..لا ونعم، حين ترغبين.

آمني بذاتك وقدسيها تقديسًا يجعلها تكسر قيود الجهل والضعف 

وافردي جناحيكِ نحو الشمس ..، حلقي حيث الأحلام والأمنيات…

وكوني امرأة قوية لم تخلق لوضع مساحيق التجميل ولتكون جسدًا وجهًا وحُسنًا بل لتكوني أيضًا قائدة ..قادرة ..ثائرة 

محاربة عن نفسك وساعية لتكوني أثرًا طيبًا…

لا تحجمي نفسك…ولا تسمحي لأحد بتصنيفك وتحجيمك.

وآمني بقوة أنكِ قادرة وأن صوتك حق.