دور المرأة السورية التاريخية وتحديات المشاركة السياسية واالجتماعية
ملك دبيس
المركز الأول
المقدمة
تُعد المرأة السورية رم ًزا للعطاء والصمود عبر التاريخ، إذ لعبت أدوا ًرا محورية في مختلف مراحل تطور
المجتمع السوري. لم تقتصر مساهمتها على الجوانب االجتماعية واالقتصادية فحسب، بل امتدت لتشمل الحياة
ا صعبة وتحديات عدة فرضتها العادات والتقاليد والسياسات. يتناول هذا
السياسية والثقافية، متحدية بذلك ظروفً
المقال دور المرأة السورية التاريخي وتحديات الحاضر التي تعرقل مشاركتها الفاعلة، مستندًا إلى شواهد
تاريخية وبراهين علمية.
ا من أهمية هذه القضية، سنتناول في هذا المقال بشكل تفصيلي أبرز المحطات التاريخية التي عكست
وانطالقً
دور المرأة السورية، ثم نسلط الضوء على التحديات التي تواجهها في الوقت الراهن، مع االستشهاد بأدلة
وبراهين علمية تدعم هذه الرؤية:
-1 المرأة السورية في التاريخ القديم
برزت المرأة السورية منذ العصور القديمة كقوة فاعلة في المجتمع. فقد مثلت اإللهة عشتار في الحضارات
السورية القديمة رم ًزا للخصوبة والحرب، بينما ظهرت الملكة زنوبيا ملكة تدمر )240–274م( كأيقونة
سياسية، قادت تمر ًدا واسعًا ضد اإلمبراطورية الرومانية، مثبتة قدرتها على قيادة دولة قوية ومزدهرة )عبده،
،2005 ص. 55(.
-2 المرأة السورية في العصر اإلسالمي
مع بزوغ اإلسالم، استمرت المرأة السورية في المشاركة العامة، حيث لعبت دو ًرا في نشر القيم اإلسالمية
والمشاركة في الحياة االجتماعية والسياسية. نذكر هنا أسماء بنت يزيد األنصارية التي عُرفت بخطابتها وجرأتها
في الحوار مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت عبد الملك التي كان لها دور مهم في تعزيز مكانة الدولة األموية
)سليم، ،2010 ص. 112(.
-3 المرأة السورية في النضال الوطني
في مطلع القرن العشرين، شاركت المرأة السورية في الحراك الوطني ضد االحتالل الفرنسي، فكانت نازك
العابد نموذ ًجا للمرأة المقاومة، إذ أسست جمعية نور الفيحاء وساهمت في التمريض ومساعدة الجرحى. وقد
سجلت المرأة السورية حضو ًرا قويًا في المظاهرات الشعبية، ما أسهم في تسريع عملية االستقالل )سليمان،
،2018 ص. 78(.
-4 تطور المشاركة السياسية واالجتماعية
منذ منتصف القرن العشرين، بدأت المرأة السورية تطالب بحقوقها السياسية والمدنية. حصلت على حق
التصويت والترشح للبرلمان في خمسينيات القرن الماضي، وشاركت في وضع السياسات االقتصادية
واالجتماعية. اليوم، تحتل المرأة السورية نحو %15 من مقاعد البرلمان، وتشغل مناصب وزارية ودبلوماسية
ومواقع قيادية في النقابات )برنامج األمم المتحدة اإلنمائي، 2022(.
-5 التحديات التي تواجهها المرأة السورية
على الرغم من هذه اإلنجازات، تواجه المرأة السورية تحديات عديدة أبرزها:
التمييز القانوني، مثل بعض نصوص قوانين األحوال الشخصية.
ضعف تمثيلها في مواقع صنع القرار.
استمرار العنف القائم على النوع االجتماعي.
2
نقص برامج التدريب والتأهيل لدعم قدراتها القيادية.
هذه التحديات تُضعف من فرص مشاركة المرأة السورية الفاعلة في بناء الدولة والمجتمع.
-6 مبادرات دعم وتمكين المرأة
استجابة لهذه التحديات، شهدت السنوات األخيرة مبادرات عدة، مثل حمالت تعديل القوانين التمييزية، وتوفير
برامج حكومية ومنظمات مجتمع مدني تعزز مهارات المرأة وتدعم وصولها إلى مواقع القرار. وقد نص دستور
عام 2012 على ضمان حقوق المرأة والمساواة مع الرجل، وهو ما يشكل أرضية قانونية مهمة لتعزيز دورها
)الدستور السوري، ،2012 المادة 23(.
الخاتمة
ختا ًما، يتضح أن المرأة السورية حاضرة بقوة في التاريخ والحاضر، إذ ساهمت في صياغة مسارات الدولة
والمجتمع رغم ما واجهته من تحديات. إن دعم المرأة وتمكينها في مختلف المجاالت هو ضرورة وطنية، يساهم
في تحقيق مجتمع متوازن تسوده المساواة والعدالة. كما أن االستمرار في إصالح القوانين والسياسات، وتوفير
بيئة داعمة تشجع مشاركتها الفاعلة، يمثالن حجر الزاوية لبناء مستقبل أفضل لسوريا ولجميع أبنائها.
المراجع:
عبده، محمد )2005(. المرأة في حضارات الشرق القديم. دمشق: دار الفكر.
سليم، هالة )2010(. دور المرأة المسلمة في الحياة العامة. بيروت: دار المعرفة.
سليمان، ليلى )2018(. المرأة السورية في الحراك الوطني. دمشق: دار الرضا.
الدستور السوري )2012(. الجريدة الرسمية للجمهورية العربية السورية.
برنامج األمم المتحدة اإلنمائي )2022(. تقرير التنمية البشرية في سوريا.